تتمه..............................................................................................................................................................
تتحدد صورة مستقبل الوطن العربي بمستوى تصديه للتحديات المطروحة التي تفرضها القوى المهيمنة، فكلما كانت الاستجابة العربية لهذه التحديات أعلى، كان التفاؤل بمستقبل أفضل. ولا يمكن بأي حال من الأحوال التصدي لهذه التحديات ما لم يتحقق للعرب نظام إقليمي عربي فاعل. فصرخات التحذير من مستوى الوضع العربي الراهن لا تكفي، والبكاء على الأطلال لا يفيد، بل يجب صياغة سياسات فعلية تتعامل مع منظومة الرأسمالية الحالية، ومع التهديدات الإقليمية، ولا خيار آخر غير ذلك. بل يجب على الأقطار العربية أن تدرك بأنه لا خيار أمامها مستقبلا، إمّا الذوبان في أنظمة إقليمية أمريكية وأوروبية وآسيوية وما تحمله من مخاطر، وإمّا أن يتم إحياء العمل العربي المشترك للدفاع عن مصالحها ، وإيجاد موقع لها ضمن الخارطة الجيو-سياسية والاقتصادية الجديدة.
إن المشروع الأمريكي للشراكة الشرق أوسطي مبني على أغراض ودوافع سياسية واقتصادية وثقافية ستساهم لا محالة في زيادة درجة تشتيت الوطن العربي، وبالتالي إحكام قبضة أمريكا على مصادر الطاقة العربية، مع إلغاء كل السمات والخصائص القومية تاريخيا وثقافيا، والحيلولة دون إقامة أي مشروع نهضوي عربي. وبالمقابل فإن المشروع الأوروبي للشراكة الأورو-متوسطية، وإن كان أقل خبثا وضررا من سابقه الأمريكي، فهو كذلك يرمي عن قصد أو غير قصد إلى الحيلولة دون إقامة منطقة تبادل مشتركة بين الأقطار العربية، ويبقى ما يميز هذا المشروع هو إمكانية استفادة البلدان العربية من الضفة الجنوبية والشرقية للمتوسط من مزاياه المرتبطة بتحقيق ضمان تدفق الاستثمارات الأجنبية، وتأهيل المؤسسات الصناعية، ونقل التكنولوجيا ودعم البحث العلمي.
كثيرة هي الجهات المهتمة بوضع الوطن العربي، ولسنا ندري هل الاهتمام لإخراجها من حالة التخلف، أم الاهتمام بما تزخر به المنطقة من ثروات وخيرات. ومهما كان الدافع لذلك، فالمسؤولية يجب أن ترمى على الأنظمة العربية التي وفرت كل الظروف لاهتمام الآخرين بها، فالإصلاح والديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان وتمكين المرأة وغيرها من القضايا، جميعها تعتبر من باب الحق الذي يراد به باطل، فعلى الرغم من اعتراف الأقطار العربية بالحاجة الماسة لتلك الإصلاحات وتلك الإجراءات في أنظمتها، إلاّ أنها ليست بحاجة إلى وصفات علاجية تزيد من وطأة التخلف والتبعية، فالإصلاح يجب أن يكون من الداخل ترسمه وتخططه أيدي عربية وفقا لمكوناتها الثقافية والاجتماعية، وبالتالي سيكون العرب مفصل القرار في أي مشروع متعلق بقضاياهم الإستراتيجية. وهذا لن يتحقق ولن يتأتي إلاّ بالعمل العربي المشترك وفي كل المجالات. ولما لا ونحن على يقين بأن ما يوحد الأمة العربية المجيدة أكثر بكثير مما يفرقها.
إعداد
بن عامر نبيل
طالب الدراسات العليا بكلية الاقتصاد جامعة الجزائر
1428 هـ
2007 م